............................ ( أُخْتَاهُ )
أُخْتَاهُ ... يَا بِنْتَ الشَّقَاءِ تَجَلَّدِي
وَقِفِي بِوَجْهِ المُزْعِجَاتِ وَنَدِّدِي
دُوسِي عَلَى ظَهْرِي بِرِفْقِ مُحِبَّةٍ
وَتَنَاوَلِي فَضَلاَتِهِمْ ... ثُمَّ احقِدِي
هَاتِي فُتَاتَاً ..... قَدْ تَغَيَّرَ طَعمُهُ
وَتَذَوَّقِي مَعنَى المَذَلَّةِ وَاصمُدِي
هَيَّا ابحَثِي بَينَ القُمَامَةِ عَلَّنَا
نَجِدُ البَقَايَا مِنْ طَعَامِ السَّيِّدِ
فَنَسُدُّ أَرمَاقَاً لَنَا ...... لَمْ تَكْفِهَا
مِنْ طُولِ مَسْغَبَةٍ عَطَايَا المُرفِدِ
لَا تَتْرُكُي بَينَ الزَّوَايَا .... فُرجَةً
إِلَّا نَبَشْتِ بِقُربِهَا ...... وَالأَبعَدِ
كَيْ لَا يَفُوتَكِ أَيَّ قِشْرٍ يَابِسٍ
فَأَنَا رَضِيْتُ مِنَ الغَنِيمَةِ بِالرَّدِي
أُخْتَاهُ أَنْهِي مَا بَدَأتِ ... بِسُرعَةٍ
فَالجُوعُ أَنهَكَنِي وَأُسقَطَ فِي يَدِي
وَالبَردُ يَلسَعُنِي وَيَكْوِي أَعْظُمِي
وَالدَّمْعُ يَهْمِي عَابِثَاً فِي مَرقَدِي
لَمْ تَكْتَحِلْ عَينِي بَنَومٍ أَوْ كَرًى
هَلْ يَعرِفُ الوَلهَانُ مِثْلَ تَسَهُّدِي
قَدْ مَزَّقَ الفَقْرُ المُرِيعُ .. غِلَالَتِي
وَاغتَالَ أَحلَامَ الطُّفُولَةِ فَاشْهَدِي
حَيثُ البَرَاءَةُ فِي بِلَادِي دُنِّسَتْ
وَاليَأْسُ وَالحِرمَانُ أَطفَأَ مَوقِدِي
وَالأَغنِيَاءُ بِكُلِّ صِنْفٍ ...... عُمِّرَتْ
جَفَنَاتُهُمْ ..... تَبَّاً لَهُ مِنْ سُؤدَدِ
نَضَدُوا اللَّذِيذَ مِنَ الطَّعَامِ لِضَيْفِهِمْ
وَنَسُوا جِيَاعَاً فِي خِضَمٍّ مُجْهِدِ
عَصَفَتْ بِهِمْ نُوَبُ الزَّمَانِ وَصَرفُهُ
وَالهَمُّ يَسْكُنُ قَلْبَ طِفلٍ ... أَغيَدِ
أُختَاهُ دُوسِي فَالضُّلُوعُ تَكَسَّرَتْ
وَتَسَلَّقِي ظَهْرِي بِحَزْمٍ وَاصعَدِي
وَجِدِي لَنَا مَا قَدْ يَقِينَا مِيتَةً
فِي ظِلِّ مَخمَصَةٍ ... وَحَظٍّ أَسوَدِ
هَدَرَ البُغَاةُ كَرَامَتِي فِي مَوطِنِي
وَسَطَوا عَلَى رِزقِ العِبَادِ وَمَوْرِدِي
فَجَرَعتُ مِنْ بُؤسِ الحَيَاةِ ثَمَالَةً
وَبُلِيتُ بِالعَيشِ الحَقِيرِ .... الأَنْكَدِ
مُذْ خَانَنِي صَبْرِي وَقِلَّةُ حِيلَتِي
وَخَوَاءُ بَطنِي ... قَدْ أَزَالَ تَوَرُّدِي
فَالْيُتْمُ أَرهَقَ طِفلَةً .... مَقرُورَةً
غَفِلَتْ عُيُونُ النَّاسِ عَنهَا فَارشُدِي
أَيْنَ الضَّمِيرُ أَلاَ يَهُزُّ مَشَاعِرًا
فِي المُتخَمِينَ بِحَقِّ دِينِ مُحَمَّدِ
كَيفَ اسْتَطَعتُمْ أَنْ تَغُضُّوا طَرفَكُمْ
عَنْ جَائِعٍ يَشْكُو وَعَنْ كَبِدٍ صَدِي
رَبَّاهُ عَجِّلْ لِلفَقِيرِ ........ بِرَحمَةٍ
وَاجْعَلْهُ ذَا سَعَةٍ يَرُوحُ وَيَغْتَدِي
مَا كُنْتُ أَقْنَطُ مِنْ تَبَدُّلِ حَالَتِي
فَلَنَا إِلَهٌ عَادِلٌ ..... وَلَهُ اسْجُدِي
وَتَضَرَّعِي ...... أَلاَ يُفَارِقَ شَامَنَا
أَلَقٌ تَزَاحَمَ فِي جَبِينِ الفَرقَدِ
فَاللَّيْلُ مَهْمَا طَالَ يَجْلُوهُ الضُّحَى
وَالظُّلْمُ لاَ يَبْقَى ..... مُقِيمَاً لِلْغَدِ
.. رشاد عبيد
سورية - دير الزور