الأربعاء، 16 يونيو 2021

وصايا للنسيان // عمار العربي الزمزمي

***** وصايا للنسيان *****

                        " وصيّة الميت تحت راسه" 
                              مثل شعبي تونس .

إذا الموتُ جاء كَذِئْبٍ مُخاتِلْ
لِيُنْهي فُصولَ مغامَرةٍ مُلْغِزَهْ
فَسَوْف أقولُ : تَمهّلْ 
فَما عِشْتُ حتّى تهونَ عليّ الحياةُ
بِرغْمِ مَرارَتِها المُجْحِفَهْ
و في النّفْسِ تَوْقٌ لِدُنْيا جديدَهْ
و أحلام لا يكفي عُمْرٌ
لِنَبْلُغَ أدْنَى سواحلِها المُبْهِجَهْ
و كلّ القضايا التي عِشْتُ مِنْ أجْلِها لا تزالُ
مغاليقُها مُحْكَمَهْ
فَلا القدْسُ أعْقَبَ فيها أزيزَ الرصاصِ هديلُ الحَمامِ
و زغردَتِ الأمهاتُ ابتهاجًا بِعُرْسٍ
 بِدونِ دماءٍ و لا جثثٍ يُعفّنها الحجْزُ بالمشرحَهْ
و لا العِلْمُ مثل الطعامِ و مثل الدواءِ 
غدَا للحميعِ مُتاحًا 
بِلا تَفْرِقَهْ
و لا الدّينُ أصبح عقدًا مع الربّ يُعقَد دون وصيٍّ
يُحِلّ دمَ مَنْ يخالفُهُ الرأيَ للقَتَلَهْ
و لا الحبّ أصبح مثل الهواءِ أساسَ الحياةِ
بِنَسْماتِهِ المنعشَهْ
فيا موتُ لا تتعجّلْ
فَفِي البالِ أكثرُ مِنْ مَعْمَعَهْ.
و لكنْ اذا غار صوْتي بِأعْماقِ صدري 
كَدَلْوٍ يغوص بِأعماقِ بِئْرٍ
فلا همْسَ يبقَى و لا حشْرَجَهْ
و من تحت رأسي أزالوا الوسادهْ
فَمال و صار كَفاشِكَةٍ مُهْمَلَهْ
و عيْنايَ أصبحتا كُجّتيْنِ
كَأعْيُنِ مَيْتِ السمَكْ
تظلّ على الشطّ غائرةً مُطْفَأهْ
فلا تذرفوا الدمعَ
لا تلطموا الخدَّ
لا تُحْدثوا جَلَبَهْ.
دعوني أغطّ بِنَوْمٍ عميقٍ 
حلمتُ به من زمانٍ بعيدٍ
و لا تخرقوا الصمْتَ بالوَلْوَلَهْ
و لا تَدَعُوا داعشيًّا 
يرتّل آيًا من الذكْرِ  بالبيتِ و المقبرَهْ
و لا تسْمَحوا أنْ أُؤبّنْ 
بما اعتدْتُمُ من مُعادِ الكلامِ 
عنِ البذْلِ و التضحيَهْ .
و إنْ هِيلَ فوقي الترابُ
و خلّفْتُموني حبيسَ اللّحودِ
بِجبّانةٍ مُقْفِرَهْ
فلا تتْركوا خلْفكمْ أحدًا
يُلَقّنُني ما أجيب به الملَكيْنِ
فلا اللّغْطُ يُجْدي و لا الهَمْهَمَهْ .
دعوني و ربّي بلا واسطَهْ
عسَى رحْمَتُهْ
تغلب شِدّتَهْ
فَيَمْنَحُني المغفرَهْ
و لا تطبخوا كُسْكُسًا يوم فَرْقي 
فإني أعدّه أشْهى طعامٍ
 لِقوتِ العيالِ و للمأدبَهْ.
                                           ______________________
 الفاشكة : قارورة غالبا ما تُغلّف توضع فيها السوائل كماء الزهر .

                 عمار العربي الزمزمي 
                الحامة، تونس، اكتوبر2016
                من ديواني " حديث سقوط المدائن"

ليست هناك تعليقات:

الأستاذة د. غنوة حمزة// تكتب نبض مشتاق..

نبض مشتاق  أيا مالك الفؤاد ألم تصلك رسائل  الياسمين ..وما أل إليه حالي  خذني إليك ..لملم شتاتي  بحديث عنوانه ... نبض يشتاق....قد أصابه الردى...