الخميس، 23 يناير 2020

البحار /بقلم رومي الريس

لم تجرؤ هيلين أن تسأل والدها يوما عن أمها .لكنها طالما تساءلت بينها وبين نفسها عنها ،كيف كان شكلها؟ هل احبها ابي ؟ لماذا لا يحكي لي عنها ابدا؟ أحست الفتاة بغصه شديدة في حلقها وانسابت الدموع من عينيها كالشلال المنهمر . كان ابوها بحارا وكان دائم السفر والترحال متنقلا مابين البلاد والموانئ مصطحبا ابنته معه في معظم أسفاره . وفي يوم كانت هيلين تقف مستنده علي حافه السفينة تنظر إلى البحر في هدوء واستسلام ،شارده الذهن .كان والدها في قمره القياده ينظر إليها ويرقبها فترك المقود لمساعدة وذهب إليها.ناداها بحنان : ملاكي ....لم ترد ....كرر النداء .....لم ترد أيضاً . أمسك الأب كتف ابنته وهزها برقه قائلا: بنيتي ...ما الأمر؟ فانتبهت له: أبي ... أهلا بك .... نظر الأب الي ابنته باندهاش وتعجب قائلا: ماذا بك عزيزتي؟ هل هناك شيئا يشغل بالك؟ ترددت هيلين في البداية ثم تمالكت نفسها وردت :ابي ...اريد ان اعرف لماذا لا تتحدث ابدا عن امي ؟ لقد كنت تتهرب دوما من الإجابة عن هذا السؤال . أمسك الأب شعر ذقنه الطويل وأخذ يشده بيده في عصبية وهو يهمهم . أنا لا اتهرب من شيئ .ساد الصمت بينهما ثم نظر إلى البحر وقال: اماندا ... هذا هو اسمها .لقدكانت فتاة جميلة وكانت تشع نورا وحيوية ونشاطا.التفتت الابنه الى أبيها باهتمام بالغ فرأت الدموع تملأ عينيه ... ثم أردف قائلا: إنها المرأة الوحيدة التي أحببت... اقصد امك.لقد كانت رفيقتي في كل اسفاري.... لقد كانت توأم روحي.لقد كللنا حبنا بالزواج . لقد كان اليوم الذي اخبرتني فيه بأنها حامل هو اجمل يوم في حياتي . لا استطيع أن انسي هذا اليوم ...يوم ميلادك .لقد وضعتك على متن السفينة . لقد كان يوماً ممطرا.... عاصفا ....بعد ولادتك بأيام قليلة تركت الفراش وأصرت علي أن تشم رائحة البحر
التي تعشقها . لقد حذرتها ونصحتها بالتزام الفراش حتي لا تتعرض للمرض ولكن عبثا حاولت.... لقد كانت اماندا فتاة عنيده
جدا أصرت على مغادرة الفراش  واستنشاق هواء البحر... ووقع المحظور ...مرضت المسكينة ....إصابتها حمي النفاس.....
ظلت تهذي طوال الليل .... حاولت المستحيل لمساعدتها وانقاذها ولكن عبثا حاولت .... لقد خطفها الموت مني .... آه حبيبتي اماندا.... اخفي الاب وجههه بيديه وهو يبكي في حسره وألم....
احتضنت هيلين أبيها بقوة قائله: سامحني.... أبي ...لم أقصد
أن اؤلمك....كم انت رائع جدا.... احبك أبي. فنظر الاب إلي ابنته في سعادة قائلا: انني لم اشعر يوما انها قد فارقت الحياة .... انني أري صورتها فيك عزيزتي ... إنك تشبهينها
تماماً .... فأنت صوره طبق الاصل منها في كل شيئ .
                          تمت
              بقلم رومي الريس
                   بعنوان (البحار)

ليست هناك تعليقات:

الأستاذة د. غنوة حمزة// تكتب نبض مشتاق..

نبض مشتاق  أيا مالك الفؤاد ألم تصلك رسائل  الياسمين ..وما أل إليه حالي  خذني إليك ..لملم شتاتي  بحديث عنوانه ... نبض يشتاق....قد أصابه الردى...